قلت: على ﴿تُؤْمِنُونَ﴾ لأنه في معنى الأمر، كأنه قيل: آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك.
فإن قلت: لم نصب من قرأ (نصرًا من الله وفتحًا قريبًا)؟
قلت: يجوز أن ينصب على الاختصاص أو على (تنصرون نصرًا)، و (يفتح لكم فتحًا) أو على: يغفر لكم ويدخلكم جنات، ويؤتكم أخرى نصرًا من الله وفتحًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على ﴿تُؤْمِنُونَ﴾ لأنه في معنى الأمر)، قال صاحب"المفتاح": هو عطف على ﴿قُلْ﴾ مرادًا: قبل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
وقلت: قد سبق أن ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ متضمن معنى الأمر لقوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ولأن سياق الكلام عليه، فإنه تعالى لما نبه عباده على ما يخلصهم مما يؤذيهم بقوله: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ اتجه لهم أن يتضرعوا إليه: نعم يا مولانا وربنا أرشدنا إلى هذه البغية! فقيل لهم: آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا، ثم أمر حبيبه بأن يبشرهم بأن الله سيجز ما وعد من الثواب العظيم في الآخرة، والنصر القريب في الدنيا، تقريرًا أو تشريفًا، ولذلك أتى بما يدل على التجدد ووضع ﴿المُؤْمِنِينَ﴾ موضع الضمير، للإشعار بأن صفة الإيمان هي التي تقتضي هذه البشارة، وأما اتحاد المسند إليه بين المعطوف والمعطوف عليه فليس بواجب كما مر في سورة البقرة: "أن قولك: يا بني تميم احذروا عقوبة ما جنيتم، وبشر يا فلان بني أسد بإحساني إليهم"، من فصيح الكلام.
ويمكن أن يقال: إنه تعالى لما أمر رسوله ﷺ بأن يخاطب الناس بقول: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أرشده إلى ما يقتضيه من جواب أنه اتجه لسائل أن يقول: بلى دلنا؟ أي: قل: آمنوا بالله.. الآية، وبشرهم بعد ذلك بما لا يكتنه كنهه مما يصح أن تبشر به، لإطلاق