إني أبعث أعمى في عميان، وأميا في أميين، وقيل ﴿مِّنْهُمْ﴾، كقوله تعالى: ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] يعلمون نسبه وأحواله. وقرئ: (في الأمين) بحذف ياء النسب.
﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ يقرؤها عليهم مع كونه أميا مثلهم لم تعهد منه قراءة ولم يعرف بتعلم، وقراءة أمي بغير تعلم آية بينة. ﴿ويُزَكِّيهِمْ﴾: ويطهرهم من الشرك وخبائث الجاهلية.
﴿ويُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ﴾: القرآن والسنة. و"إن" في ﴿وإن كَانُوا﴾ هي المخففة من الثقيلة، واللام دليل عليها، أي: كانوا في ضلال، لا ترى ضلالًا أعظم منه.
﴿وآخَرِينَ﴾ مجرور عطف على ﴿الأُمِّيِّينَ﴾، يعني: أنه بعثه في الأميين الذين على عهده، وفي آخرين من الأميين لم يلحقوا بهم بعد، وسيلحقون بهم، وهم الذين بعد الصحابة رضي الله عنهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إني أبعث)، حكاية عن الله تعالى.
قوله: (أعمى)، أي: غير عالم بالشرائع، "عميان": في قوم غير عالمين بها، والمراد نبينا صلوات الله عليه وأمته.
قوله: (وفي آخرين من الأميين)، جعل ﴿مِنْهُمْ﴾ بيانًا للآخرين، قال صاحب "الكشف": "من" في ﴿مِنْهُمْ﴾ للنبيين، وليست "من" التي تستعمل مع أفعل، لأن "من" تلك لا يجوز معها جمع الاسم، لا يقال: الزيدون أفضلون من عمرو، لأن "أول" و"آخر" وإن كان "أفعل" لا يكاد يوجد استعمال "من" معهما.