لأن البيع لم يحرم لعينه، ولكن لما فيه من الذهول عن الواجب، فهو كالصلاة في الأرض المغصوبة والثوب المغصوب، والوضوء بماء مغصوب، وعن بعض الناس أنه فاسد. ثم أطلق لهم ما حظر عليهم بعد قضاء الصلاة من الانتشار وابتغاء الربح؛ مع التوصية بإكثار الذكر وأن لا يلهيهم شيء من تجارة ولا غيرها عنه، وأن تكون هممهم في جميع أحوالهم وأوقاتهم موكلة به لا ينفضون عنه، لأن فلاحهم فيه وفوزهم منوط به. وعن ابن عباس: لم يؤمروا بطلب شيء من الدنيا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فهو كالصلاة في الأرض المغصوبة)، أي: يكون البيع محرمًا، لكن غير فاسد، كما أن الصلاة في الأرض المغصوبة مسقطة للقضاء، لكن إيقاعها فيها حرام يستحق به العقاب.
قال الشيخ محيي الدين النواوي في "شرح صحيح مسلم" في قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لن تقبل له صلاة أربعين ليلةً": معنى عدم قبول الصلاة: أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزئةً في سقوط الفرض عنه، ولا حاجة معها إلى إعادة، ونظير هذا: الصلاة في الأرض المغصوبة، مجزئة مسقطة للقضاء ولكن لا ثواب فيها، كذا قاله جمهور أصحابنا، قالوا: صلاة الفرض وغيرها من الواجبات إذا أتي بها على وجهها الكامل ترتب عليها شيئان؛ سقوط الفرض عنه، وحصول الثواب، فإذا أداها في أرض مغصوبة حصل الأول دون الثاني، ولا بد من هذا التأويل في هذا الحديث، فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم من أتى العراف إعادة صلاة أربعين ليلة.
العراف: هو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها، وقال الخطابي: العراف: هو الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق ومكان الضالة وغيرهما.
قوله: (وعن بعض الناس: أنه فاسد)، قال محيي السنة في"المعالم": إنما يحرم البيع والشراء


الصفحة التالية
Icon