وقرئ: (خشب جمع خشبة، كبدنة وبدون، و ﴿خُشُبٌ﴾، كثمرة وثمر، وخشب، كمدرة ومدر، وهي في قراءة ابن عباس. وعن اليزيدي أنه قال في ﴿خُشُبٌ﴾: جمع خشبائ، والخشباء: الخشبة التي دعر جوفها: شبهوا بها في نفاقهم وفساد بواطنهم ﴿عَلَيْهِمْ﴾ ثاني مفعولي ﴿يَحْسَبُونَ﴾، أي: يحسبون كل صيحة واقعة عليهم وضارة لهم، لجبنهم وهلعهم وما في قلوبهم من الرعب، إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة ظنوه إيقاعا بهم. وقيل: كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم، ومنه أخذ الأخطل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ أن تأمنهم على سرك لأنهم عيون لأعدائك.
وقلت: تلخيص الآية: إذا رأيت جهارة منظرهم وفصاحة منطقهم، حسبتهم أرباب لب وشجاعة، وأصحاب علم ودراية، وإذا اختبرتهم وقفت على خلاف ذلك، فلا تحتفل بذلك. هم العدو، أي: هم أولئك الذين قالوا: ﴿نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿لا يَفْقَهُونَ﴾، ألا ترى كيف عقب الكلام بقوله: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ فإذن التعريف في ﴿العَدُوُّ﴾ للعهد، وإن ذهب المصنف للجنس لقوله: "هم الكاملون في العداوة".
قوله: (وقرئ: "خشب") قنبل وأبو عمرو والكسائي: بإسكان الشين، والباقون: بضمها. الانتصاف: قد قرئ: بضم الشين قراءةً مستفيضةً، فتدل على أن الضم أصل، والتخفيف فرع، وذلك يبعد كونها جمع خشباء، فإنه يجمع على"فعل" ساكن العين لا غير.
قوله: (دعر جوفها)، الجوهري: الدعر- بالتحريك-: الفساد، والدعر أيضًا: مصدر: دعر العود- بالكسر- يدعر دعرًا، فهو عود دعر، أي: عود رديء كثير الدخان.