قلت: منظور فيه إلى الخبر، كما ذكر في ﴿هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٦] وأن يقدر مضاف محذوف على: يحسبون كل أهل صيحة. ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ دعاء عليهم، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم، أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك. ﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ كيف يعدلون عن الحق؟ تعجبا من جهلهم وضلالتهم.
[﴿وإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ ورَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وهُم مُّسْتَكْبِرُونَ * سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ﴾ ٥ - ٦]
﴿لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ عطفوها وأمالوها إعراضا عن ذلك واستكبارًا. وقرئ بالتخفيف والتشديد للتكثير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهاية: في حديث علي رضي الله عنه: "إلى مرعى وبي، ومشرب دوي" أي: فيه داء، وهو منسوب إلى دو، من دوي بالكسر يدوي.
قوله: (كما ذكر في ﴿هَذَا رَبِّي﴾) وقد ذكر فيه جعل المبتدأ مثل الخبر، لكونهما عبارةً عن شيء واحد، كقولهم: ما جاءت حاجتك.
قوله: (وطلب من ذاته تعالى أن يلعنهم) يعني: أنه من أسلوب التجريد، كقراءة ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: "ومن كفر فأمتعه" على الأمر، أي: فأمتعه يا قادر، قال في قوله تعالى: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧]: "هي من أشنع دعواتهم، لأن القتل قصارى شدائد الدنيا وفظائعها"، كذلك الطرد عن رحمة الله البعد عن جنابه الأقدس، والخزي: منتهى عذاب الله وغاية نكاله في الدنيا والآخرة، فجعل ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ كناية عن ذلك، نعوذ بالله منه.
قوله: (قرئ: بالتخفيف والتشديد) نافع: "لووا" بتخفيف الواو، والباقون: بتشديدها.


الصفحة التالية
Icon