وخفاء وجه الحسن علينا لا يقدح في حسنه، كما لا يقدح في حسن أكثر مخلوقاته جهلنا بداعي الحكمة إلى خلقها.
﴿بِالْحَقِّ﴾ بالغرض الصحيح والحكمة البالغة، وهو أن جعلها مقار المكلفين ليعملوا فيجازيهم، ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ - وقرئ: (صوركم) بالكسر- لتشكروا، وإليه مصيركم فجزاؤكم على الشكر والتفريط فيه.
فإن قلت: كيف أحسن صوركم؟
قلت: جعلهم أحسن الحيوان كله وأبهاه، بدليل أن الإنسان لا يتمنى أن تكون صورته على خلاف ما يرى من سائر الصور. ومن حسن صورته أنه خلق منتصبًا غير منكب، كما قال عز وجل: ﴿فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤].
فإن قلت: فكم من دميم مشوه والصورة سمج الخلقة تقتحمه العيون؟
قلت: لا سماحة ثم، ولكن الحس كغيره من المعاني على طبقات ومراتب، فلانحطاط بعض الصور عن مراتب ما فوقها انحطاطًا بينًا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وخفاء وجه الحسن علينا، لا يقدح في حسنه) قال صاحب"الانتصاف" في البقرة: ما ذكرتموه إن صلح جوابًا كان جوابًا عما أعرضتم، فلم لم تسلم الأمر إلى الله في أول الأمر؟ !
قوله: (على الشكر) متعلق ب"جزاؤكم"، وهو مبتدأ خبره محذوف، والجملة معطوفة على جملة قوله: "وإليه مصيركم" يعني: جعلها مقار للمكلفين ليعلموا، وصوركم فأحسن لتشكروا، وإليه مصيركم فعنده جزاؤكم على الشكر والكفران، وقيل: "فجزاؤكم" عطف على "مصيركم"، فكأنه قيل: إليه مصيركم فإليه انتهى جزاؤكم.
قوله: (فلانحطاط بعض الصور) اللام فيه تعليل لقوله: "لا يستملح"، والاستثناء