﴿أَلَمْ يَاتِكُمْ﴾ الخطاب لكفار مكة. ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى ما ذكر من الوبال الذي ذاقوه في الدنيا وما أعد لهم من العذاب في الآخرة. ﴿بِأَنَّهُ﴾ بأن الشأن والحديث ﴿كَانَت تَّاتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ أنكروا أن تكون الرسل بشرا، ولم ينكروا أن يكون الله حجرا! ! ﴿وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾ أطلق ليتناول كل سيء، ومن جملته إيمانهم وطاعتهم.
فإن قلت: قوله: ﴿وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾: يوهم وجود التولي والاستغناء معا، والله تعالى لم يزل غنيا.
قلت: معناه: وظهر استغناء الله حيث لم يلجئهم إلى الإيمان ولم يلجئهم إلى الإيمان ولم يضطرهم إليه مع قدرته على ذلك.
[﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ٧ - ٨]
الزعم: ادعاء العلم، ومنه قوله عليه السلام: "زعموا مطية الكذب"، وعن شريح لكل شيء كنية الكذب: " زعموا"، ويتعدى إلى المفعولين تعدي العلم. قال:
.. ولم أزعمك عن ذاك معزلا
و﴿أَن﴾ مع ما في حيزه قائم مقامهما. و ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أهل مكة. و ﴿بَلَى﴾ لما بعد ﴿لَن﴾، وهو البعث،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (زعموا مطية الكذب)، النهاية: معناه: أن الرجل إذا أراد شيئًا من المسير إلى بلد، والظعن في حاجة ركب مطيةً وسار حتى يقضي أربه، فشبه ما يقدمه المتكلم أمام كلامه ويتوصل إلى غرضه من قوله: "زعموا كذا وكذا"، بالمطية التي يتوصل بها إلى الحاجة، وإنما يقال: زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه، وإنما يحكى على الألسن على سبيل الإبلاغ.


الصفحة التالية
Icon