[﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإن تَوَلَّيْتُمْ فَإنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاغُ المُبِينُ * اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ ١٢ - ١٣].
﴿فَإن تَوَلَّيْتُمْ﴾ فلا عليه إذا توليتم؛ لأنه لم يكتب عليه طاعتكم؛ إنما كتب عليه أن يبلغ ويبين فحسب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعنى: أن الكافر ضال عن قلبه، بعيد عن، والمؤمن واجد له مهتد إليه، فيكون قوله: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ تابعًا لقوله: ﴿وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾ على طرح قرينتيها، وأما على تقدير أهل السنة: وأن علم الله موافق لقضائه وقدره، فهو تذييل لقوله: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ﴾ ولما كان معنى ﴿بِإذْنِ اللَّهِ﴾: بتقديره ومشيئته، كان ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ تقديرًا له وتوكيدًا، ينصره ما رواه الواحدي عن ابن عباس: ﴿بِإذْنِ اللَّهِ﴾: بعلم وقضائه، وعن مقاتل: ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ عند المصيبة فيعلم أنها من الله فيسلم لقضائه ويسترجع.
وعن محيي السنة: ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾: يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فيسلم لقضائه.
وقلت: وينصر هذا التأويل ما رويناه عن أبي داود والترمذي عن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه عند الموت: يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان، حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة"، يا بني إنيً سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من مات على غير هذا فليس مني".
وعليه كلام الضحاك، فحينئذ يحترز أن يقال ما قاله في سورة يونس عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس: ٩٦]: "تلك كتابة معلوم، لا كتابة مقدر".


الصفحة التالية
Icon