والآيسات والصغائر والحوامل، فكيف صح تخصيصه بذوات الأقراء المدخول بهن؟
قلت: لا عموم ثم ولا خصوص؛ ولكن النساء اسم جنس للإناث من الإنس، وهذه الجنسية معنى قائم في كلهن وفي بعضهن، فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك، فلما قيل: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ علم أنه أطلق على بعضهن وهن المدخول بهن من المعتدات بالحيض. ﴿وأَحْصُوا العِدَّةَ﴾ واضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات كوامل لا نقصان فيهن، ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ﴾ حتى تنقضي عدتهن، ﴿مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ من مساكنهن التي يسكنها قبل العدة، وهي بيوت الأزواج؛ وأضيفت إليهن لا ختصاصها بهن من حيث السكنى.
فإن قلت: ما معنى الجمع بين إخراجهم أو خروجهن؟ قلت: معنى الإخراج أن لا يخرجهن البعولة غضبا عليهن، وكراهة لمساكنتهن، أو لحاجة لهم إلى المساكن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا عموم ثم ولا خصوص)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، وقيل: قوله: "لا عموم" مشكل، لأن اسم الجنس المعرف باللام من صيغ العموم، فالأولى أن يقال هو عام، ولما قيل: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ علم أن المراد به الخصوص، وقلت: السؤال والجواب مبني على أصول الحنفية وتوجيه السؤال: أن النساء جمع محل باللام، فيقيد استغراق جميع ما يصلح له.
وخلاصة الجواب: أن هذا ليس من العام الذي خص بقوله: ﴿لِعِدَّتِهِنَّ﴾ لأن المخصص عندهم دليل مستقل بنفسه كما سبق في البقرة، وها هنا ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ من تتمة الكلام لأنه جزاء للشرط، فلا يصلح للتخصيص فتعين أن يكون قيدًا للمطلق، والنساء على هذا دال على شائع في جنسه مقيد بقيد ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ وقد فسره النبي ﷺ في حديث ابن عمر بطهر لم يجامعها فيه، فيجب الحمل عليه، وإليه أشار بقوله: "علم أنه أطلق على بعضهن، وهن المدخولات بهن من المعتدات بالحيض".


الصفحة التالية
Icon