وعن النبي ﷺ أنه قرأها فقال: "مخرجا من شبهات الدنيا، ومن غمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة"، وقال عليه السلام: " إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم: ﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ " فما زال يقرؤها ويعيدها، وروي: أن عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنًا له يسمى سالمًا، فأتى رسول الله فقال: أسر ابني وشكا إليه الفاقة؛ فقال: "ما أمسى عند آل محمد إلا مد فاتق الله واثبر، وأكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله"، ففعل، فبينا هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مئة من الإبل تغفل عنها العدو فاستاقها، فنزلت هذه الآية. (بالغ أمره) أي يبلغ ما يريد لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب. وقرئ: ﴿بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ بالإضافة و (بالغ أمره) بالرفع، أي: نافذ أمره، وقرأ المفضل: (بالغًا أمره) على أن قوله: ﴿قَد جَعَلَ اللهُ﴾ خبر ﴿إِنَّ﴾، و (بالغًا) حال.
﴿قَدْرًا﴾ تقديرًا وتوقيتا، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله، وتفويض الأمر إليه؛ لأنه إذا علم أن كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما قوله بعد ذكر عدة الحامل: ﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾، فمعناه أن من لزم التقى سهل الله عليه الصعب من أمره، كما يجعل أمر الولادة سهلًا إذا قامت الأم عن ولدها سرحًا، ثم عقب حال الدنيا بذكر ما يفعله في الآخرة من تكفير سيئاته وإعظام أجره، فكل شرط من"من يتق الله" قرن إليه من الجزاء ما لاق به، والأخير لما كان مقدمًا على أحوال احتاجت إلى غاية الترغيب، وإلى المبالغة فيه، وعد عليه أفضل الجزاء، وهو ما يكون في الآخرة من النعماء، فتدبره تجد ما ذكرت لك.
قوله: (تغفل عنها العدو)، أي: استغفل ابنه عدوه، تغفلت الرجل عن كذا: أخذته على غفلة.
قوله: (وقرئ: ﴿بَالِغُ أَمْرِهِ﴾)، بالإضافة، الجر لحفص، والنصب للباقين. والرفع شاذ.


الصفحة التالية
Icon