وروت أم مسلمة: أن سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال لها: "قد حللت فانكحي".
﴿يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ ييسر له من أمره ويحلل من عقده بسبب التقوى ﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ﴾ يريد ما علم من حكم هؤلاء المعتدات، والمعنى: ومن يتق الله في العمل بما أنزل الله من هذه الأحكام وحافظ على الحقوق الواجبة عليه مما ذكر من الإسكان وترك الضرار والنفقة على الحوامل وإيتاء أجر المرضعات وغير ذلك استوجب تكفير السيئات والأجر العظيم.
[﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وجْدِكُمْ ولا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وإن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ واتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وإن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ ٦ - ٧]
﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ وما بعده: بيان لما شرط من التقوى في قوله: ﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ كأنه قيل: كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وروت أم سلمة: أن سبيعة)، روى البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلةً؟ فقال ابن عباس: آخر الأجلين، وقلت أنا: ﴿وأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ﴾؟ قال أبو هريرة: وأنا مع ابن أخي- يعني أبا سلمة- فأرسل ابن عباس غلامه كريبًا إلى أم سلمة فسألها، فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت، فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو السنابل بن بعكك فيمن خطبها.
قوله: (قد حللت)، هذا يؤيد قول ابن مسعود، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنهما.
قوله: (ويحلل من عقده)، تتميم لمعنى قوله: "ييسر له من أمره"، أفاد ذلك التنكير في


الصفحة التالية
Icon