الضرار (لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) في المسكن ببعض الأسباب من إنزال من لا يوافقهن، أو يشغل مكانهن، أو غير، ذلك، حتى تضطروهن إلى الخروج. وقيل: هو أن يراجعها إذا بقي من عدتها يومان ليضيق عليها أمرها. وقيل: هو أن يلجئها إلى أن تفتدى منه.
فإن قلت: فإذا كانت كل مطلقة عندكم تجب لها النفقة، فما فائدة الشرط في قوله (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ)؟ قلت: فائدته أن مدة الحمل ربما طالت فظن ظانّ أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحائل، فنفى ذلك الوهم. فإن قلت: فما تقول في الحامل المتوفى عنها؟
قلت: مختلف فيها، فأكثرهم على أنه لا نفقة لها، لوقوع الإجماع على أنّ من أجبر الرجل على النفقة عليه من امرأة أو ولد صغير لا يجب أن ينفق عليه من ماله بعد موته، فكذلك الحامل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال صاحب (الانتصاف): لا يخفى على المتأمل أن المبتوتة غير الحامل لا نفقة لها لأن الله تعالى أوجب السكنى لكلّ معتدة وشرط في النفقة أن يكنّ أولات حمل. فالقول بوجوبها للمبتوتة غير الحامل كما فعل الزمخشري لنصرة مذهب أبي حنيفة منافر للآية.
وقيل: إن الحاصل أن مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه ظاهر في وجوب النفقة والسكنى للمعتدة البائنة حاملة كانت أو لا، ومذهب مالك والشافعي رضي الله عنهما أنّ لها السكنى بكلّ حال وأمّا النفقة فإن كانت حاملا استحقّت وإلا فلا، أما السكنى فلقوله تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم) وهذا مطلق وأمّا النفقة فلقوله تعالى (وإن كنّ اولات حمل فأنفقوا عليهن حتىّ يضعن حملهنّ)
قوله: فأكثرهم على أنه لا نفقة لها لوقوع الإجماع على أن من أجبر الرجل) على مالم يسمّ فاعله والضمير في ((عليه)) راجع إلى ((من)) و ((من امرأة أو ولد)) بيان ((من قبل))، قيل: حاصله أنّ


الصفحة التالية
Icon