﴿عَتَتْ عَنْ أَمْرِ ربها﴾ أعرضت عنه على وجه العتو والعناد، ﴿حِسَابًا شَدِيدًا﴾ بالاستقصاء والمناقشة، ﴿عَذَابًا نُّكْرًا﴾ وقرئ: (نكرًا) منكرًا عظيمًا، والمراد: حساب الآخرة، وعذابها: ما يذوقون فيها من الوبال ويلقون من الخسر، وجيء به على لفظ الماضي، كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٤٤، ٥٠]، ونحو ذلك؛ لأن المنتظر من وعد الله وعبده ملقى في الحقيقة، وما هو كائن فكأن قد كان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخلصًا إلى قوله: ﴿وكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا﴾ لأنها كالخاتمة للتحريض على تقوى الله وحفظ حدوده والتفادي عن التجاوز عنها، وإليه الإشارة بقوله: "فليكن لكم ذلك يا أولي الألباب من المؤمنين، لطفًا في تقوى الله وحذر عقابه".
قوله: (وقرئ: "نكرًا")، نافع وابن ذكوان وأبو بكر.
قوله: (فكأن قد كان)،
وفي بعض النسخ: "فكأن قد" بلا"كان"، بلغ الوليد بن عبد الملك أن سليمان بن عبد الملك تمنى موته لما له من بعده العهدة، فكتب الوليد إليه يعاتبه على ما بلغه، وكتب في آخر الكتاب:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت.... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم.... لئن مت ما الداعي علي بمخلد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى.... فهيئ لأخرى مثلها فكأن قد


الصفحة التالية
Icon