وكان هذا زلة منه؛ لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله؛ لن الله عز وجل إنما أحل ما أحل لحكمة ومصلحة عرفها في إحلاله، فإذا حرم كان ذلك قلب المصلحة مفسدة.
﴿واللَّهُ غَفُورٌ﴾ قد غفر لك ما زللت فيه، ﴿رَّحِيمٌ﴾ قد رحمك فلم يؤاخذك به.
﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ فيه معنيان، أحدهما: قد شرع الله لكم الاستثناء في أيمانكم، من قولك: حلل فلان في يمينه، إذا استثنى فيها، ومنه: حلا أبيت اللعن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان هذا زلة منه، لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله)، الانتصاف: افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم! ! فتحريم ما أحل الله باعتقاد حله لا يصدر من مؤمن، وأما مجرد الامتناع من الحلال- وقد يكون مؤكدًا باليمين- فليس من ذلك في شيء، ولو أنكر ذلك لاستحالت حقيقة المباح.
وغايته أنه حلف ما يقرب مارية فنزلت كفارةً لليمين، ومعاذ الله، وحاش لله مما نسبه إليه! وهذه جرأة.
وقلت: الطريق الذي سلكناه آمن- والحمد لله- من هذه المخاوف.
قوله: (إذا استثنى فيها)، المغرب: استثنيت الشيء: زويته لنفسي، والاستثناء في اصطلاح النحويين: إخراج الشيء مما دخل فيه، لأن فيه كفا وردًا عن الدخول، والاستثناء في اليمين أن يقول الحالف: إن شاء الله، لأن فيه رد ما قاله بمشيئة الله.
قوله: (أبيت اللعن)، الأساس: لعنه أهله: طردوه وأبعده، وهو لعين: طريد، ومن المجاز: : أبيت اللعن، وهي تحية الملوك في الجاهلية، أي: لا فعلت ما تستوجب به اللعن.