فقيل له: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ أي: لم تمتنع منه بسبب اليمين؟ يعني: أقدم على ما حلفت عليه، وكفر عن يمينك! ونحوه قوله تعالى: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾ [القصص: ١٢] أي؛ منعناه منها. وظاهر قوله تعالى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ أنه كانت منه يمين.
فإن قلت: هل كفر رسول الله ﷺ لذلك؟
قلت: عن الحسن: أنه لم يكفر؛ لأنه كان مغفورًا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنما هو تعليم للمؤمنين، وعن مقاتل: أن رسول الله ﷺ أعتق رقبة في تحريم مارية.
﴿واللَّهُ مَوْلاكُمْ﴾ سيدكم ومتولي أموركم، ﴿وهُوَ العَلِيمُ﴾ بما يصلحكم فيشرعه لكم، ﴿الحَكِيمُ﴾ فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما توجبه الحكمة. وقيل: ﴿مَوْلاكُمْ﴾ أولى بكم من أنفسكم، فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم.
[﴿وإذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ﴾ ٣]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال: نويت به الإخبار، لم يقع ذلك، فلا شك أنه كذب، دين فيما بينه بين الله تعالى، ولكن لا يدين في قضاء الحاكم بإبطال الإيلاء لأن اللفظ إنشاء في العرف.
قوله: (أعتق رقبة في تحريم مارية)، روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: آلى رسول الله ﷺ من نسائه وحرم، فجعل الحلال حرامًا، وجعل في اليمين الكفارة.


الصفحة التالية
Icon