نادمين عليها، مغتمين أشد الاغتمام لارتكابها، عازمين على أنهم لا يعودون في قبيح من القبائح إلى أن يعود اللبن في الضرع، موطنين أنفسهم على ذلك.
وعن علي رضي الله تعالى عنه: أنه سمع أعرابيا يقول: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، فقال: يا هذا، إن سرعة اللسان في التوبة توبة الكذابين. قال: وما التوبة؟ قال يجمعها ستة أشياء. على الماضي من الذنوب: الندامة، وللفرائض: الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم، وأن تعزم على أن لا تعود، وأن تذيب نفسك في طاعة الله، كما ربيتها في المعصية، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذاقتها حلاوة المعاصي.
وعن حذيفة: بحسب الرجل من الشر أن يتوب عن الذنب ثم يعود فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: أخلصت، وناصح العسل: خالصه، أو من قولهم: نصحت الجلد: خطته، والناصح: الخياط، والنصاح: الخيط، وقوله تعالى: ﴿تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] فمن أحد هذين: إما الإخلاص، وإما الإحكام، يقال: نصوح ونصاح كذهوب وذهاب، قال:
أحببت حبًا خالطته نصاحة
قوله: (لا يعودون في قبيح من القبائح)، قيل: هذا مذهبه، لأن عندهم أن التوبة عن بعض المعاصي مع الإصرار غير صحيح.
قوله: (أنه سمع أعرابيًا يقول)، ذكر هذا الحديث في الشورى مع تغيير يسير، قال: منن التوبة وعمودها الانتهاء، على ما قال تعالى: ﴿إِن يَنتَهُوا يُغْفَرُ لَهُمْ﴾ [الأنفال: ٣٨] وجناحاها: الندم والعزم، والندم: هو الغم الملازم للذنب.
قوله: (بحسب الرجل)، مبتدأ، والباء زائدة، والخبر: "أن يتوب".


الصفحة التالية
Icon