ويجم بصره، ثم يعاود ويعاود، ثم إلى أن يحسر بصره من طول المعاودة، فإنه لا يعثر على شيء من فطور.
[﴿ولَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ ٥].
﴿الدُّنْيَا﴾: القربى؛ لأنها أقرب السموات إلى الناس، ومعناها: السماء الدنيا منكم. والمصابيح: السرج، سميت بها الكواكب، والناس يزينون مساجدهم ودورهم بأثقاب المصابيح، فقيل: ولقد زينا سقف الدار التي اجتمعتم فيها ﴿بِمَصَابِيحَ﴾، أي: بأي مصابيح لا توازيها مصابيحكم إضاءة، وضممنا إلى ذلك منافع آخر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجم بصره)، يقال: جم الفرس جمًا وجمامًا؛ إذا ذهب إعياؤه، ويقال: أجمم نفسك يومًا أو يومين.
قوله: (بأثقاب المصابيح)، الجوهري: "ثقبت النار تثقب ثقوبًا وثقابة؛ إذا اتقدت، وشهاب ثاقب، أي: مضي".
قوله: (فقيل: ولقد زينا)، عطف على قوله: "سميت بها الكواكب"، وقوله: "والناس إلى آخره: اعتراض.
الراغب: أما قوله: ﴿ولَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [الملك: ٥]، وقوله: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا﴾ [الصافات: ٦]، فإشارة إلى الزينة التي تدرك بالبصر التي يعرفها الخاصة والعامة، يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ﴾ [الحجر: ١٦]. وقال: الزينة الحقيقة ما لا يشين الإنسان في شيء من أحواله لا في الدنيا ولا في الآخرة، فأما ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين. والزينة بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة،