ويجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار على إرادة القول: أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا، أو أرادوا بالضلال الهلاك، أو سموا عقاب الضلال باسمه، أو من كلام الرسل لهم حكوه للخزنة، أي: قالوا لنا هذا فلم نقبله.
﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ﴾ الإنذار سماع طالبين للحق، أو نعقله عقل متأملين. وقيل: إنما جمع بين السمع والعقل؛ لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل.
ومن بدع التفاسير: أن المراد لو كنا على مذهب أصحاب الحديث أو على مذهب أصحاب الرأي. كأن هذه الآية نزلت بعد ظهور هاتين المذهبين، وكأن سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم، وكأن من كان من هؤلاء فهو من الناجين لا محالة؛ وعدة المبشرين من الصحابة عشرة، لم يضم إليهم حادي عشر، وكأن من يجوز على الصراط أكثرهم لم يسمعوا باسم هذين الفريقين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وإنما جمع بين السمع والعقل، لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل)، الانتصاف: "إن أراد أن الأحكام التكليفية مستفادة من العقل، فهو من العقائد الفاسدة. وإن عنى أن العقل يرشد إلى العقائد الصحيحة، والسمع يخص الأحكام الشرعية، فهو حق".
قوله: (على مذهب أصحاب الحديث وأصحاب الرأي)، أي: أصحاب الشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهم.
قوله: (وعدة المبشرين)، يعني يلزم من هذا أن يتجاوزوا النص بالعشرة إلى أزيد، وفيه بحث، لأن عبد الله بن سلام وغيره من المبشرين ليسوا من العشرة.


الصفحة التالية
Icon