[﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * ولَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * أَوَ لَمْ يَرَوْا إلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ ويَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إلاَّ الرَّحْمَنُ إنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ ١٦ - ١٩].
﴿مَّن فِي السَّمَاءِ﴾ فيه وجهان: أحدهما من ملكوته في السماء؛ لأنها مسكن ملائكته، وثم عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه.
والثاني: أنهم كانوا يعتقدون التشبيه، وأنه في السماء، وأن الرحمة والعذاب ينزلان منه، وكانوا يدعونه من جهتها، فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء، وهو متعال عن المكان، أن يعذبكم بخسف أو بحاصب؟ كما تقول لبعض المشبهة: أما تخاف من فوق العرش أن يعاقبك بما تفعل؟ إذا رأيته يركب بعض المعاصي! ﴿فَسَتَعْلَمُونَ﴾ قرئ: بالتاء والياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن يعذبكم بخسف أو بحاصب)، قال الراغب في "غرة التأويل": لم قدم التوعد بالخسف على التوعد بالحاصب؟ وأجيب أنه لما كانت أنه لما كانت الأرض التي مهدها لهم لاستقرارهم، يعبدون عليها غير خالقها، فعبدوا الأصنام التي هي من شجرها أو من حجرها، خوفوا بما هو أقرب إليهم. والتخويف بالحاصب من السماء التي هي مصاعد كلمهم الطيبة، ومعارج أعمالهم الصالحة، لأجل أنهم بدلوهما بسيئات كفرهم وقبائح أعمالهم".
قوله: (﴿فَسَتَعْلَمُونَ﴾)، قرئ بالتاء وهي المشهورة، وبالتاء التحتانية شاذة.


الصفحة التالية
Icon