وبنى الأجسام على شكل وخصائص قد تأتى منها الجري في الجو، ﴿إنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ يعلم كيف يخلق وكيف يدبر العجائب.
[﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إنِ الكَافِرُونَ إلاَّ فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ ونُفُورٍ﴾ ٢٠ - ٢١].
﴿أَمَّنْ﴾ يشار إليه من الجموع ويقال ﴿هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ﴾ الله إن أرسل عليكم عذابه ﴿أَمَّنْ﴾ يشار إليه ويقال: ﴿هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾، وهذا على التقدير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا على التقدير)، أي: هذا التأويل على تقدير جمع من الجموع في الذهن لمفهوم ﴿جُندٌ﴾، وجعله مشارًا إليه، قال في قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ [الكهف: ٧٨]: "قد تصور فراق بينهما، فأشار إليه، وجعله مبتدأ وأخبر عنه، ويجوز أن يكون إشارة إلى السؤال الثالث". وعلى هذين الوجهين ينبني كلامه هاهنا، وإلى الثاني أشار بقوله: "ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأوثان"، والقرينة حضورها بين أيديهم يعبدونها.
والفرق بين الوجهين، أن الكفرة ما كانوا يعتقدون وجود جمع غير الأصنام ينصرونهم ويرزقونهم، فوجب أن يقدر ويفرض بخلاف الأصنام، يدل عليه قوله في الوجه الثاني: "لاعتقادهم أنهم يحفظون من النوائب ويرزقون". هكذا ينبغي أن يتصور هذا المقام ولا تتبع الأوهام، لأن التقدير: هذا التأويل الذي ذكرته مبني على أن المشار إليه جند مقدر مفروض، ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأوثان، فلا يكون حينئذ مقدرًا مفروضًا.
قال أبو البقاء وصاحب "الكشف": "من" مبتدأ، و ﴿هَذَا﴾ خبره، و ﴿الَّذي﴾ وصلته