ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأوثان لاعتقادهم أنهم يحفظون من النوائب ويرزقون ببركة آلهتهم، فكأنهم الجند الناصر والرازق، ونحوه قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا﴾ [الأنبياء: ٤٣]. ﴿بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ ونُفُورٍ﴾ بل تمادوا في عناد وشراد عن الحق لثقله عليهم فلم يتبعوه.
[﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًا عَلَى وجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وإلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ ٢٢ - ٢٤].
يجعل (أكب) مطاوع (كبه)، يقال: كببته فأكب، من الغرائب والشواذ. ونحوه: فشعت الريح السحاب فأقشع،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الضعيف المهين؛ الذي تدعون أنه يرزقكم؟ ثم أوقع ﴿إنِ الكَافِرُونَ إلاَّ فِي غُرُورٍ﴾ اعتراضًا، وضعًا للمظهر موضع المضمر تسجيلًا على غرورهم، وتجهيلًا بعد تجهيل.
ويمكن أن تجعل "أم" منقطعة ويقال: قل يا محمد، الم تنظروا في أمثال هذه الصنائع العجيبة، حتى تعرفوا أنه هو وحده قادر على الخسف، وإرسال الحاصب، وعلى إنجائكم منها؟ ثم أضرب عن ذلك، وقيل: بل أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن، أي: لا تسأل عن ذلك لأنه مفروغ عنه؛ فإنهم كانوا إذا حزبهم خطب عظيم، دعوا الله مخلصين له الدين، دون شهدائهم وأصنامهم، بل سل عن هذا تقريعًا وتوبيخًا.
قوله: (ونحوه قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا﴾ [الأنبياء: ٤٣]، مثل للوجه الثاني، وهو أن يكون المشار إليه الأصنام.


الصفحة التالية
Icon