ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها. والحسوم: لا يخلو من أن يكون جمع حاسم؛ كشهود وقعود، أو مصدر، كالشكور والكفور. فإن كان جمعا، فمعنى قوله: ﴿حُسُومًا﴾: نحسات حسمت كل خير واستأصلت كل بركة، أو متتابعة هبوب الريا، ما خفتت ساعة حتى أتت عليهم تمثيلا لتتابعها فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء، كرة بعد أخرى حتى ينحسم.
وإن كان مصدرا: فإما أن ينتصب بفعله مضمرا، أي تحسم حسوما، بمعنى تستأصل استئصالا، أو يكون صفة كقولك: ذات حسوم، أو يكون مفعولا له، أي سخرها للاستئصال، وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولعلها عبارة) أي: العاتية على هذا التفسير كناية عن الشدة والإفراط فيها، لا أنها عتت على الخزان حقيقة.
قوله: (حسمت كل خير واستأصلت)، الراغب: "الحسم: إزالة أثر الشيء، يقال: قطعه فحسمه، أي: أزال مادته، وبه سمي السيف حسامًا. وحسم الداء: إزالة بالكي. وقيل للشؤم المزيل لأثر من ناله: حسوم، قال تعالى: ﴿وثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾، وقيل: حاسمًا خبرهم، وقيل: قاطعًا لعمرهم، وكل ذلك داخل في عمومه".
قوله: (أو متتابعة) عطف على قوله: "نحسات". والجمع في ﴿حُسُومًا﴾ على الأول باعتبار المحسوم لقوله: "كل خير"، وعلى الثاني باعتبار نفسها.
وعلى الأول يمكن أن يحصل حسم الجميع من غير التتابع، وعلى الثاني بالعكس، وقد مر في سورة القمر عند قوله: ﴿في يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ﴾ [من الآية: ١٩]، كلام في هذا المعنى.
قوله: (حتى أتت عليهم). أي: أهلكتهم.