فإن قلت: فأي النفختين هي: قلت الأولى، لأن عندها فساد العالم، وهكذا الرواية عن ابن عباس، وقد روي عنه أنها الثانية.
فإن قلت: أما قال بعد: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ والعرض إنما هو عند النفخة الثانية؟ قلت: جعل اليوم اسما للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان والصعقة والنشور والوقوف والحساب، فلذلك قيل: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ كما تقول: جئته عام كذا؛ وإنما كان مجيئك في وقت واحد من أوقاته.
﴿وحُمِلَتِ﴾ ورفعت من جهاتها بريح بلغت من قوة عصفها أنها تحمل الأرض والجبال، أو بخلق من الملائكة، أو بقدرة الله من غير سبب. وقرئ: "وحُمِّلت" بحذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب "الكشف": ﴿نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ كقوله تعالى: ﴿لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [النحل: ٥١]، وقولهم: أمس الدابر لا يعود، ولا ينافي البيان كما عليه ظاهر كلام صاحب "المفتاح" في قوله: ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النحل: ٥١]، ولا التأكيد أيضًا؛ إذ التوابع كالبدل وعطف البيان والصفة والتأكيد، بيان من وجه للمتبوع عند أرباب المعاني.
قوله: (وقرئ: "وحملت"، بحذف المحمل) أي: بحذف ما حملها، وهو أحد الثلاثة المذكورة، من الريح أو الملائكة أو القدرة، فعدي في القراءة الأولى إلى المفعول بواسطة