فإن قلت: ما معنى الفاء على التفسيرين؟
قلت: أما على الأول؛ فمعنى التعقيب فيها أنه تعالى أقسم بالرياح، فبالسحاب الذي تسوقه، فبالفلك التي تجريها بهبوبها، فبالملائكة التي تقسم الأرزاق بإذن الله من الأمطار وتجارات البحر ومنافعه.
وأما على الثاني: فلأنها تبتدئ بالهبوب، فتذرو التراب والحصباء، فتنقل السحاب، فتجري في الجو باسطة له، فتقسم المطر.
﴿إنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ جواب القسم، وما موصولة أو مصدرية، والوعود: البعث. ووعد صادق: كعيشة راضية. والدين: الجزاء. والواقع: الحاصل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قول علي رضي الله عنه: الأقرب أن تحمل هذه الصفات الأربع على الرياح؛ فالذاريات: هي التي تنشئ السحاب. والحاملات: هي التي تحملها، والجاريات: هي التي تجري بها، والمقسمات: هي التي تفرق الأمطار على الأقطار، ولم يذكر هذا القول أصلًا، والعجب كيف ذهل مع ديانته عن هذا النقل؟ ! وسيجيء الكلام فيه في النازعات مستوفى.
قوله: (ما معنى الفاء على التفسيرين؟ ) أحدهما: أن يراد بالمذكورات الذوات المختلفة، وثانيهما: أن يراد صفات الرياح لا غير. قال القاضي: إن حملت الذاريات فالحاملات فالجاريات فالمقسمات على ذوات مختلفة، فالفاء لترتب الإقسام بها، باعتبار ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمال القدرة، وإلا فالفاء لترتب الأفعال، إذ الريح مثلًا تذرو الأبخرة إلى الجو حتى تنعقد سحابًا فتحمله فتجري به باسطة له إلى حيث يقسم المطر.


الصفحة التالية
Icon