والضلال: نقيض الهدى، والغي: نقيض الرشد، أي: هو مهتد راشد وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغي، وما أتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه، وإنما هو وحي من عند الله يوحى إليه.
ويحتج بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء، ويجاب بأن الله تعالى إذا سوغ لهم الاجتهاد وما يستند إليه كله وحيا لا نطقا عن الهوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والغي: نقيض الرشد) الراغب: الغي جهل من اعتقاد فاسد، وذلك أن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد لا صالحًا ولا فاسدًا، وقد يكون من اعتقاد شيء فاسد، وهذا الثاني يقال له: غي.
قوله: (ويحتج بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء قال القاضي: واحتج بها من ال يرى الاجتهاد له، وأجيب عنه بأنه: إذا أوحي إليه بأن يجتهد، كان اجتهاده وما يسند إليه وحيًا، وفيه نظر؛ لأن ذلك حينئذ بالوحي.
وقلت: هاهنا بحث لا بد منه، وهو أن هذه الآية واردة في أمر التنزيل، وليس فيها لمستدل أن يستدل بشيء من أمر الاجتهاد، لا نفيًا ولا إثباتًا، لأن الضمير في ﴿إِنْ هُوَ﴾ للقرآن؛ بدليل من فسر النجم بنجوم القرآن، وهي من الأيمان الحسنة، نحوه قوله:
وثناياك إنها إغريض.
وينصره قوله: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى﴾ وفي الآيات معنى قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ