بهواكم وشهوتكم، ليس لكم من الله على صحة تسميتها برهان تتعلقون به. ومعنى ﴿سَمَّيْتُمُوهَا﴾ سميتم بها، يقال: سميته زيدًا، وسميته بزيد. ﴿إن يَتَّبِعُونَ﴾ -وقرئ بالتاء- ﴿إلاَّ الظَّنَّ﴾ إلا توهم أن ما هم عليه حق، وأن آلهتهم شفعاؤهم، وما تشتهيه أنفسهم، ويتركون ما جاءهم من الهدى والدليل على أن دينهم باطل.
[﴿أَمْ لِلإنسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الآخِرَةُ والأُولَى﴾ ٢٤ - ٢٥].
﴿أَمْ لِلإنسَانِ مَا تَمَنَّى﴾ هي أم المنقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار، أي: ليس للإنسان ما تمنى، والمراد طمعهم في شفاعة الآلهة، وهو تمن على الله في غاية البعد، وقيل: هو قولهم: ﴿وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى﴾ [فصلت: ٥٠] وقيل: هو قول الوليد بن المغيرة ﴿لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ [مريم: ٧٧] وقيل: هو تمني بعضهم أن يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم.
﴿فَلِلَّهِ الآخِرَةُ والأُولَى﴾ أي هو مالكها، فهو يعطي منهما من يشاء ويمنع من يشاء، وليس لأحد أن يتحكم عليه في شيء منهما.
[﴿وكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إلاَّ مِنْ بَعْدِ أَن يَاذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ ويَرْضَى﴾ ٢٦].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خالقًا رازقًا عالمًا مثيبًا ومعاقبًا، وإليه الإشارة بقوله: "سميتموها بهواكم وشهوتكم". وفي "الكبير": وقيل: أي قلتم عزى ولا عزة لها، وقلتم: إنها آلهة، وليست بآلهة.
قوله: (والدليل على أن دينهم باطل) عطف تفسيري على الهدى، وإنما جعله دليلًا وسلطانًا على بطلان دينهم لأنه مجلوب لقوله: ﴿مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾ [يوسف: ٤٠]. أي: ما لهم من دليل قط، ما يتبعون إلا شهوات الأنفس، والحال أن جاءهم دليل قاطع وسلطان قاهر على بطلان ما هو عليه، فيكون قوله: ﴿ولَقَدْ جَاءَهُم﴾ حالًا مقررة لجهة الإشكال.


الصفحة التالية
Icon