[﴿ولِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا ويَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ والْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ إنَّ رَبَّكَ واسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وإذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ ٣١ - ٣٢].
قرئ: ﴿لِيَجْزِيَ﴾ و (لنجزي)، بالياء والنون فيهما. ومعناه: أن الله عز وجل إنما خلق العالم وسوى هذا الملكوت لهذا الغرض: وهو أن يجازي المحسن من المكلفين والمسيء منهم. ويجوز أن يتعلق بقوله: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ لأن نتيجة العلم بالضال والمهتدي جزاؤهما. ﴿بِمَا عَمِلُوا﴾ بعقاب ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قرئ: ﴿لِيَجْزِيَ﴾، و"لنجزي") والمشهورة: "يجزي" بالياء فيهما.
قوله: (ويجوز أن يتعلق بقوله: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ﴾): أي ﴿لِيَجْزِيَ﴾ إما تعليل لقوله: ﴿ولِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ﴾ وإما لقوله: ﴿هُوَ أَعْلَمُ﴾ المعنى: أن قوله: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ﴾ و ﴿بِمَنِ اهْتَدَى﴾، ليجزي كل واحد منهما بما يستحقه، فيكون قوله: ﴿ولِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ﴾ على هذا معترضة، توكيدًا لما تضمن الكلام من معنى القدرة والمنعة، يعني هو عالم كامل العلم، قادر تام القدرة، يعلم أحوال المكلفين فيجازيهم، لا يمنعه أحد مما يريده، لأن كل شيء تحت قهره وسلطانه.
قال الواحدي: "لله ملك السموات والأرض": إخبار عن قدرته وسعة ملكه، وهو معترض، أي: إذا كان أعلم بهم جازى كلًا بما يستحقه، وإنما يقدر على المجازاة إذا كان كثير الملك. تم كلامه.
وكان هذا من توارد الخاطر، وعلى الأول متصل بقوله: ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا ولَمْ يُرِدْ إلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أي: فأعرض عن دعوة من تدعوه إلى لقاء ربه والدار الآخرة وهو