فيسكن تخفيفاً، وأن يعتبر حال الوقف. وقرأ الأعمش بالنصب بإضمار «أن» كقوله:
ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى
وتؤيده قراءة ابن مسعود: «ولا تمنن أن تستكثر»، ويجوز في الرفع أن تحذف «أن» ويبطل عملها، كما روي: «أحضر الوغى» بالرفع. (ولِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) ولوجه الله فاستعمل الصبر، وقيل: على أذى المشركين، وقيل: على أداء الفرائض، وعن النخعي: على عطيتك، كأنه وصله بما قبله، وجعله صبراً على العطاء من غير استكثار، والوجه أن يكون أمراً بنفس الفعل،.........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرأ الأعمش بالنصب بإضمار "أن")، قال ابن جني: "هو بدل من قوله: ﴿وَلَا تَمْنُن﴾ في المعنى، لأن معناه: لا يكن منك مَنٌّ واستكثار، أي: لا يكن منك مَنٌّ أن تستكثر، فتضمر ﴿أَنْ﴾ لتكون مع الفعل المنصوب بها بدلاً من المنِّ في المعنى الذي دلَّ عليه الفعل، ونظيره قولهم: لا تشتمه فيشتمك، أي: لا يكن منك شَتم له، ولا منه أن يشتمك، وأنشد أبو زيد:
فقالوا: ما تشاء؟ فقلت: أَلْهو إلى الإصباحِ، آثِرَ ذي أَثير
فوضع "أَلْهو" موضع (اللهو) ".
قوله: (ولِوجه الله، فاستعمل الصبر)، فيه تخصيص ومبالغة؛ فالتخصيص مستفاد من التقديم، والمبالغة من حذف مُتعلق ﴿فَاصْبِرْ﴾ - غير مراد - ولذلك قال بعده: "قيل: على أذى المشركين".
قوله: (والوجه أن يكون أمراً بنفس الفعل)، قيل: هذا هو الوجه الأول، وليس بصواب؛ لأن الوجه الأول مُطلق على إطلاقه، وأطلق هذا الوجه ليتناول كل صبور عليه ومصبور عنه، ثم كنى به عن الصبر على أذى الكفار، على أن الصبر على أذاهم، هو الصبر على كل


الصفحة التالية
Icon