فهو تهكم به وبلقبه، وتغيير له عن الغرض الذي كانوا يؤمونه من مدحه، والثناء عليه بأنه وحيد قومه لرياسته ويساره وتقدّمه في الدنيا إلى وجه الذم والعيب، وهو أنه خلق وحيداً لا مال له ولا ولد، فآتاه الله ذلك، فكفر بنعمة الله وأشرك به واستهزأ بدينه.
(مَّمْدودًا) مبسوطاً كثيراً، أو ممداً بالنماء، من: مد الهر ومده نهر آخر، قيل: كان له الزرع والضرع والتجارة. وعن ابن عباس: هو ما كان له بين مكة والطائف من صنوف الأموال، وقيل: كان له بستان بالطائف لا ينقطع ثماره صيفاً وشتاء وقيل: كان له ألف مثقال، وقيل: أربعة آلاف، وقيل تسعة آلاف، وقيل: ألف ألف، وعن ابن جريج: غلة شهر بشهر.
(وبَنِينَ شُهُودًا) حضوراً معه بمكة لا يفارقونه للتصرف في عمل أو تجارة، لأنهم مكفيون لوفور نعمة أبيهم واستغنائهم عن التكسب وطلب المعاش بأنفسهم، فهو مستأنس بهم لا يشتغل قلبه بغيبتهم، وخوف معاطب السفر عليهم ولا يحزن لفراقهم والاشتياق إليهم. ويجوز أن يكون معناه: أنهم رجال يشهدون معه المجامع والمحافل، أو تسمع شهاداتهم فيما يتحاكم فيه. وعن مجاهد: كان له عشرة بنين، وقيل: ثلاثة عشر. وقيل: سبعة كلهم رجال: الوليد بن الوليد، وخالد، وعمارة، وهشام، والعاص، وقيس، وعبد شمس؛ أسلم منهم ثلاثة: خالد، وهشام، وعمارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (غَلّة شهر بشهر)، أي: بحلول شهر. يعني: كان يأخذ غلة عقاره في كل شهر، وقيل: التقدير مستقر مع شهر أو شهر بعد شهر.
قوله: (الوليد بن الوليد، وخالد، وعُمارة، وهشام، والعاص، وقيس، وعبد شمس: أسلم منهم ثلاثة: خالد وهشام وعمارة)، يُفهم منه أن الوليد بن الوليد لم يُسلم، والرواية بخلافه، قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": "إن هشاماً من المُؤَلَّفة"، ولم يَذكر عمارة في


الصفحة التالية
Icon