يصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي فيه كذلك أبداً». (إنَّهُ فَكَّرَ) تعليل الوعيد، كأن الله تعالى عاجله بالفقر بعد الغنى، والذل بعد العز في الدنيا بعناده، ويعاقب في الآخرة بأشد العذاب وأفظعه لبلوغه بالعناد غايته وأقصاه في تفكيره، وتسميته القرآن سحراً. ويجوز أن تكون كلمة الردع متبوعة بقوله: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) ردا لزعمه أن الجنة لم تخلق إلا له؛ وإخباراً بأنه من أشدّ أهل النار عذاباً، ويعلل ذلك بعناده، ويكون قوله: (إنَّهُ فَكَّرَ) بدلا من قوله: (إنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا) بيانا لكنه عناده، ومعناه: فكر ماذا يقول في القرآن (وقَدَّرَ) في نفسه ما يقول وهيأه (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) تعجيب من تقديره وإصابته فيه المحز، ورميه الغرض الذي كان تنتحيه قريش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (سبعين خريفاً)، عن بعضهم: سبعين عاماً، لأن الخريف آخر السنة، لأن فيه تُدرك جميع الثمار، وكذلك الإنسان إذا بلغ آخر عمره قد يخرف.
قوله: (﴿إِنَّهُ فَكَّرَ﴾ تعليل للوعيد)، يريد أن قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ لِأيَاتِنَا عَنِيدًا﴾، تعليل لقطع المزيد المعنى بقوله: ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (كَلَّا﴾. وقوله: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾، تعليل للوعيد المعني بقوله: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ لأنه ﴿كَانَ لِأيَاتِنَا عَنِيدًا﴾، وذلك بأنه فكر وقدر. وفي الكواشي: "يقف عند قوله: ﴿أَنْ أَزِيدَ﴾، إن جعلت ﴿كَلَّا﴾ بمعنى "ألا" استفتاحاً. ويتم هنا إن جعلتها ردعاً، وهو أولى، ويبتدئ ﴿إِنَّهُ كَانَ لِأيَاتِنَا عَنِيدًا﴾ ".


الصفحة التالية
Icon