أو ثناء عليه على طريقة الاستهزاء به، أو هي حكاية لما كرروه من قولهم: قتل كيف قدر، تهكماً بهم وبإعجابهم بتقديره، واستعظامهم لقوله. ومعنى قول القائل: قتله الله ما أشجعه، وأخزاه الله ما أشعره: الإشعار بأنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الوقف عليها، فهي مختلفة الأحوال؛ فمنها ما يوقف عليه، ومنها ما يُبتدأ به، ومنها ما يصلح فيه الأمران، ومنها ما لا يحسن الوقف عليه ولا الابتداء به"، تم كلامه.
وقلت: ضعف قول من زعم أن ﴿كَلَّا﴾ لا يكون بمعنى "حقاً" لكونه حرفاً وذلك اسم، لأن من قال به، ذهب إلى أنها مُعبرة عن متعلق معناه، كما تقول: "من" معناها ابتداء الغاية، و"إلى" معناها انتهاء الغاية، إلى غير ذلك. وقد سبق في أول "البقرة" عند قوله: ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢].
قوله: (حكاية لما كرّروه)، أي: لما كرره قريش من قولهم: قُتل كيف قدر، في حق الوليد تعجيباً، حكاه الله تعالى عنهم. ويجوز أن يكون من كلام الله، دعا عليه، ولا يكون تعجيباً ولا تكريراً مُجرداً، كما قال الراغب في "غرّة التنزيل": "كان الوليد بن المغيرة لما سئل عن النبي؟ : قدر ما أتى به من القرآن. فقال: إن قلنا: شاعر، كذبتنا العرب إذا قَدَّرت ما أتى به على الشعر، وكان يقصد بها التقدير تكذيب الرسول؟ بضرب من الاحتيال، فلذلك كان كل تقدير مستحقاً لعقوبة من الله تعالى، هي كالقتل إهلاكاً له، أي: هلك هلاك المقتول كيف قَدَّر.
وقوله: ﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾، أي أنه قال: إنه ليس ما أتى به من كلام الكهنة، فإن ادَّعينا ذلك عليه، كذبتنا العرب إذ رأوا هذا الكلام مخالفاً لكلام الكهان، فهو في تقديره له على كلام الكهنة، مُستحق من العقوبة لما هو كالقتل إهلاكاً له؛ فهو في نفيه عن القرآن الأقسام