(يُبَصَّرُونَهُمْ) أي: يبصر الأحماء الأحماء، فلا يخفون عليهم، فما يمنعهم من المساءلة أن بعضهم لا يبصر بعضا، وإنما يمنعهم التشاغل. وقرئ: «يُبْصِرونهم»، وقرئ: «ولا يُسأُل»، على البناء للمفعول، أي: لا يقال لحميم: أين حميمك؟ ولا يطلب منه؛ لأنهم يبصرونهم فلا يحتاجون إلى السؤال والطلب.
فإن قلت: ما موقع يبصرونهم؟
قلت: هو كلام مستأنف، كأنه لما قال (ولا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا)، قيل: لعله لا يبصره، فقيل: يبصرونهم، ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم.
فإن قلت: لم جمع الضميران في (يُبَصَّرُونَهُمْ) وهما للحميمين؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُنبَّا بكم قد أيمو من نسائكم وكم قد أذاقوا من عجائزك الثكلا
قوله: (الأحماء): جمع: حميم، كأشداء جمع شديد.
قوله: ("ولا يُسأل" على البناء للمفعول)، قال القاضي: "قَرَأها ابن كثير".
قوله: (لأنَّهم يُبصَّرونهم)، التبصير: التعريف والإيضاح.
قوله: (وهما للحَميمين)، قيل: كان القياس: يبصره، ليكون الضمير المستتر عائداً إلى أحد الحميمين، والبارز إلى الحميم الآخر. وقلت: هو من قول الواحدي: معنى: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾: يُعرفونهم، أي: يُعرف الحميم حميمه حتى يعرفه، ومع ذلك لا يسأل عن شأنه لشغله بنفسه. والآية على حذف الجار، يقال: بَصَّرت زيداً بكذا إذا عرفته إياه، ثم يُحذف الجار فيقال: بصَّرته إياه".