كما لا يعرف الحكمة في أعداد السموات والأرضين وأيام السنة والشهور والبروج والكواكب وأعداد النصب والحدود والكفارات والصلوات في الشريعة، أو: وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو، فلا يعز عليه تتميم الخزنة عشرين، ولكن له في هذا العدد الخاص حكمة لا تعلمونها وهو يعلمها. وقيل: هو جواب لقول أبى جهل: أما لرب محمد أعوان إلا تسعة عشر؟ (ومَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ) إلى قوله: (إلاَّ هُوَ) اعتراض. وقوله: (ومَا هِيَ إلاَّ ذِكْرَى) متصل بوصف (سَقَرَ) و (إلاَّ هُوَ) ضميرها، أي: وما سقر وصفتها إلا تذكرة (لِلْبَشَرِ)، أو ضمير الآيات التي ذكرت فيها.
[(كَلاَّ والْقَمَرِ • واللَّيْلِ إذْ أَدْبَرَ • والصُّبْحِ إذَا أَسْفَرَ • إنَّهَا لإحْدَى الكُبَرِ • نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ • لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) ٣٢ - ٣٧]
(كَلاَّ) إنكار بعد أن جعلها ذكرى، أن تكون لهم ذكرى، لأنهم لا يتذكرون، أو ردع لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيراً. و «دبر» بمعنى أدبر، كقبل بمعنى أقبل، ومنه صاروا كأمس الدابر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً﴾، أي: ما جعلناهم من جنسكم يُطاقون، عقبة بقوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾، أي: ما يعلم بقوة بطش الملائكة إلا هو، لأنهم جنود الله يُسلطهم على أعدائه، وجبريل عليه السلام منهم، قلع مدائن قوم لوط بريشة من جناحه.
قوله: (﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا هُوَ﴾ اعتراض). يعني: قوله: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾، معطوف على قوله: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ وما يتصل بها. وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا﴾، إلى قوله: ﴿إِلَّا هُوَ﴾: استطراد، رداً لطعن الكفار، اعترض بين الكلامين المتصلين اهتماماً.
قوله: (كأمس الدابر)، أمس: هو عند بعضهم مبني، وعند بعضهم غير مُنصرف.