وقرأ قتادة: «أن لن نجمع عظامه» على البناء للمفعول، والمعنى: نجمعها بعد تفرقها ورجوعها رميماً ورفاتاً مختلطاً بالتراب، وبعد ما سفتها الرياح وطيرتها في أباعد الأرض. وقيل: إن عدي بن أبي ربيعة ختن الأخنس بن شريق، وهما اللذان كان رسول الله ﷺ يقول فيهما: «اللهم اكفني جاري السوء»، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أو من به، أو يجمع الله العظام؟ فنزلت.
(بَلَى) أوجبت ما بعد النفي وهو الجمع، فكأنه قيل: (بَلَى) نجمعها، و (قَادِرِينَ) حال من الضمير في (نَّجْمَعَ)، أي: نجمع العظام قادرين على تأليف جميعها وإعادتها إلى التركيب الأول إلى أن نسوي بنانه، أي: أصابعه التي هي أطرافه، وآخر ما يتم به خلقه، أو على أن نسوي بنانه، ونضم سلامياته على صغرها ولطافتها بعضها إلى بعض، كما كانت أولا من غير نقصان ولا تفاوت، فكيف بكبار العظام؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿بَلَى﴾: أوجبت ما بعد النفي، وهو الجمع)، لأن ﴿بَلَى﴾ وقعت موقع الفعل المحذوف.
قوله: (و ﴿قَادِرِينَ﴾: حال من الضمير في ﴿نَّجْمَعَ﴾)، وهي حال مقررة لما أُوجب بعد النفي: إما مكملة له على سبيل الترقي كما قال: (قادرين على تأليف جمعها)، إلى قوله: "على أن نُسوي بنانه"، أو واردة مبالغة كما قال: "فكيف بكبار العظام؟ "، أو مُوبخة كما قال: "أي نجعلها مُستوية كخُف البعير وحافر الحمار"، على أسلوب قوله تعالى: ﴿قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ﴾ [الصافات: ١٨]، في جواب قوله: ﴿أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا﴾ [الصافات: ١٦] الآية.
قوله: (سُلامياته)، النهاية: "السلامي: هي الأُنملة، من أنامل الأصابع. وقيل: واحده وجمعه سواء، ويجمع على: سُلاميات، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان".