والذي يصح معه أن يكون من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بى، تريد معنى التوقع والرجاء، ومنه قول القائل:
وإذا نظرت إليك من ملك | والبحر دونك زدتني نعما |
المسرة التي ليس دونها شيء، بدلاً من هذه اللذة الخسيسة الدَّنيئة؟ أم كيف يُنضر وجهه بهذا السرور، ووراءه ذلك البسور؟ وأما الانتظار الذي ذكره، فهو معدود من جمله قولهم: الانتظار موت أحمر.
ومما ينصر مذهب أهل السنة تفسير أعلم البرية، على ما رويناه عن الإمام أحمد بن حنبل والترمذي، عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله؟، قال: "إن أدنى أهل الجنة منزلة، لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسروره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غُدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله؟ :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ".
وروي أنه سئل مالك عن من قال: إلى ثواب ربها ناظرة؟ فقال: كذب، لو كان هذا صحيحاً لما أغاظ الكفار بقوله: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥]. وروى السُّلمي عن أبي سليمان الداراني: "لو لم يكن لأهل المعرفة سرور، إلا قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، لاكتفوا به. وأي سرور أتم من وصول المحب إلى حبيبه، والعارف إلى معروفه؟ ".
قوله: (وإذا نظرت إليك) البيت، "من" - في قوله: "من ملك" -: تجريدية. قوله: "والبحر دونك": مُعترضة، يحتمل وجهين: أحدهما: البحر بيني وبينك، وثانيهما: أن البحر