وهو معطوف على (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ القِيَامَةِ) [القيامة: ٦]، أي: لا يؤمن بالبعث، فلا صدق بالرسول والقرآن، ولا صلى، ويجوز أن يراد: فلا صدق ماله، بمعنى: فلا زكاه. وقيل: نزلت في أبى جهل. (يَتَمَطَّى) يتبختر. وأصله يتمطط، أي: يتمدد، لأن المتبختر يمد خطاه. وقيل: هو من المطا وهو الظهر، لأنه يلويه. وفي الحديث: «إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم، فقد جعل بأسهم بينهم» يعني: كذب برسول الله ﷺ وتولى عنه وأعرض،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أول السورة عند قوله: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ﴾، بدليل قوله: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦]، لأنه تكرير للمعنى بعد طول الكلام. فعلى هذا، عطفت هذه الجملة على جملة قوله: ﴿يَسْ‍ئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾، تعجباً من حال الإنسان. يعني: سأل أيان يوم القيامة، ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾، أي: يسأل، وما استعد له إلا ما يوجب دماره وهلاكه. وأما قوله: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ﴾، فجواب عن السؤال، وقوله: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ يخلص إلى ما استطرد من أحوال النبي؟، أُقحم الجواب بين المعطوف والمعطوف عليه لشدة الاهتمام.
قوله: (إذا مشت أمتي المُطيطاء) الحديث، أخرجه الترمذي عن ابن عمر، وفي آخره: "سُلِّطَ شِرارها على خيارها".
النهاية: "المُطيطاء، بالمد والقصر: مشية فيها تبختر ومد اليدين، يقال: مطوت ومططت بمعنى مددت، وهي من المُصغَّرات التي لم يُستعمل لها مُكبَّر".
وقيل: هذا الحديث من دلائل النبوة، لأنه إخبار بالغيب وقد وافق الواقع؛ فإنهم لما فتحوا بلاد فارس والروم، أخذوا أموالهم وسبوا ذراريهم فاستخدموهم، فسلط الله قتلة عثمان رضى الله عنه حتى قتلوه، ثم سلَّط بني أمية على بني هاشم.


الصفحة التالية
Icon