[(إنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إمَّا شَاكِرًا وإمَّا كَفُورًا) ٣]
شاكراً وكفوراً: حالان من الهاء في هديناه، أي: مكناه وأقدرناه في حالتيه جميعاً. أو دعوناه إلى الإسلام بأدلة العقل والسمع: كان معلوماً منه أنه يؤمن أو يكفر لإلزام الحجة. ويجوز أن يكونا حالين من السبيل، أي: عرفناه السبيل إما سبيلاً شاكراً وإما سبيلاً كفوراً، كقوله: (وهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد: ١٠]، ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز. وقرأ أبو السمال بفتح الهمزة في (إمَّا)، وهي قراءة حسنة، والمعنى: أما شاكراً فبتوفيقنا، وأما كفوراً فبسوء اختياره.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون فيه قلب وكثرة حذف، لأن الأصل: لأن نبتليه، فحذف حرف الجر، ثم حُذف "أن" ورُفع الفعل؛ فللزوم كثرة الحذف والقلب، قال: "وهو من التعسف".
قوله: (أي: مكناه وأقدرناه في حالتيه جميعاً)، فعلى هذا، الهُدى هو الدلالة الموصلة إلى البُغية. قال صاحب "الانتصاف": "هذا من تحريفه، والآية على ظاهرها".
قوله: (أو دعوناه إلى الإسلام بأدلة العقل والسمع)، فعلى هذا: الهُدى: مجرد الدلالة، قال أبو البقاء: " ﴿إمَّا﴾ ها هنا لتفصيل الأحوال، أي: بينا له في كلتي حالتيه".
قوله: (والمعنى: أما شاكراً فبتوفيقنا، وأما كفوراً فبسوء اختياره)، وعن بعضهم: هذا الوجه أقرب إلى التعسف مما ذكره قُبيل هذا في ﴿نَّبْتَلِيهِ﴾، لأن ذالك تقديم وتأخير، وهو كثير في الكلام. وفي هذا حذف ذي الحال والعامل وخبر المبتدأ والفاء، إن قُدر: أما إقدارنا إياه فبتوفيقنا، وهو الظاهر في إعرابه. وتعدد المحذوفات سبب ظاهر في التعسف.
الانتصاف: "اختياره هذه القراءة لأجل تقسيم لا يُفيده، فيجوز أن يكون المراد: أما