ويجوز أن يكون ذلك بياناً وكشفاً عن اعتقادهم وصحة نيتهم وإن لم يقولوا شيئاً. وعن مجاهد: أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علمه الله منهم فأثنى عليهم. والشكور والكفور: مصدر ان كالشكر والكفر. (إنَّا نَخَافُ) يحتمل: إن إحساننا إليكم للخوف من شدة ذلك اليوم، لا لإرادة مكافأتكم؛ وإنا لا نريد منكم المكافأة لخوف عقاب الله تعالى على طلب المكافأة بالصدقة. ووصف اليوم بالعبوس مجاز على طريقين: أن يوصف بصفة أهله من الأشقياء، كقولهم: نهارك صائم؛ روي أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، وأن يشبه في شدته وضرره بالأسد العبوس أو بالشجاع الباسل. والقمطرير: الشديد العبوس الذي يجمع ما بين عينيه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يكون بياناً وكشفاً عن اعتقادهم)، عطف على قوله: "ويجوز أن يكون قولاً باللسان"، يعني: قوله: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ﴾ وراد على إرادة القول، وهذا القول يجوز أن يكون بلسان القال، وأن يكون بلسان الحال، والأول على وجهين: أحدهما: يقولون ذلك لئلا يجازيهم المستجدي بالشكر أو بمثله. وثانيهما: يقولون لينبهوهم على ما ينبغي من الإخلاص، قال الزجاج: "وجائز أن يكونوا يُطعمون ولا ينطقون بهذا، ولكن قصدهم في إطعامهم هذا، فترجم عما في قلوبهم، وكذلك: ﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا﴾. روى محيي السنة عن مجاهد وسعيد بن جُبير: "إنهم لم يتكلموا به، ولكن علم الله ذلك من قلوبهم فأثنى عليهم". وقلت: دل هذا على إثبات الكلام النفسي.
قوله: (وأن يُشبه في شدته وضرره بالأسد العبوس)، وعلى الأول من الإسناد المجازي، وعلى هذا من الإستعارة المكنية.


الصفحة التالية
Icon