فإن قلت: ما معنى ذكر الحرير مع الجنة؟ قلت: المعنى: وجزاهم بصبرهم على الإيثار وما يؤدي إليه من الجوع والعري بستاناً فيه مأكل هني، وحريراً فيه ملبس بهى. يعني: أن هواءها معتدل، لا حر شمس يحمي ولا شدة برد تؤذي. وفي الحديث: هواء الجنة سجسج، لا حر ولا قر. وقيل: الزمهرير القمر، وعن ثعلب: أنه في لغة طيئ، وأنشد:
وليلة ظلامها قد اعتكر | قطعتها والزمهرير ما زهر |
فإن قلت: (ودَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا)، علام عطفت؟ قلت: على الجملة التي قبلها، لأنها في موضع الحال من المجزيين؛ وهذه حال مثلها عنهم، لرجوع الضمير منها إليهم في «عليهم»، إلا أنها اسم مفرد، وتلك جملة في حكم مفرد، تقديره: غير رائين فيها شمساً ولا زمهريراً، ودانية عليهم ظلالها؛ ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين مجتمعان لهم، كأنه قيل: وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقر ودنو الظلال عليهم وقرئ: «ودانية» بالرفع، على أن «ظلالها» مبتدأ، و «دانية» خبره، والجملة في موضع الحال؛ والمعنى: لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً، والحال أن ظلالها دانية عليهم؛......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وليلة ظلامُها) البيت، اعتكر الظلام: اختلط كأنه تراكم بعضه على بعض نت بُطءِ انجلائه، وزهرت النار زهوراً: أضاءت، وأزهرتها أنا. يقول: رُب ليلة شديدة الظلمة قطعتها بالسُّرى، والحال أن القمر ما طلع وما أضاء.
قوله: (والمعنى: لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا، والحال أن ظلالها دانية)، يُريد: أن "دانية"، إذا قُرئت بالنصب يكون الحال مُفرداً؛ فالواو للعطف على الحال المتقدمة. وإذا