وتذليل القطوف: أن تجعل ذللا لا تمتنع على قطافها كيف شاؤوا! أو تجعل ذليلة لهم خاضعة متقاصرة، من قولهم: حائط ذليل، إذا كان قصيراً، (قَوَارِيرَ • قَوَارِيرَ): قرئا غير منونين، وبتنوين الأول، وبتنوينهما. وهذا التنوين بدل من ألف الإطلاق، لأنه فاصلة؛ وفي الثاني لإتباعه الأول، ومعنى (قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ) أنها مخلوقة من فضة، وهي مع بياض الفضة وحسنها في صفاء القوارير وشفيفها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو تُجعل ذليلة)، قال: الأول: من الذِّلِّ، والثاني: من الذُّلِّ؛ بالضم. قال ابن جني في قوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ٢٤] بالضم والكسر في "الذل": "الذِّلُّ بالكسر: في الدابة؛ ضد الصعوبة، وبالضم: للإنسان وهو ضد العز؛ كأنهم فرقوا، لأن ما يلحق الإنسان أكبر قدراً مما يلحق الدابة، فاختاروا الضمة لقوتها للإنسان، والكسرة لضعفها للدابة، ولا تستنكر مثل هذا".
قوله: (قُرئا غير مُنونين، وبتنوين الأول، وبتنوينهما)، "نافع والكسائي وأبو بكر: بتنوينهما، ووقفوا عليهما بالألف. وابن كثير: في الأول بالتنوين ووقف عليه بالألف، والثاني بغير تنوين ووقف عليه بغير ألف، والباقون: بغير تنوين فيهما، ووقف حمزة عليهما بغير ألف، ووقف هشام عليهما بالألف صلة للفتحة، ووقف الباقون - وهم أبو عمرو وحفص وابن ذكوان - على الأول بالألف، وعلى الثاني بغير ألف"، قاله صاحب "التيسير".
وقال الزجاج: "من صرف الأول فلأنه رأس آية، ومن صرف الثاني أتبع اللفظ اللفظ، لأن العرب ربما قلبت إعراب الشيء ليتبع اللفظ اللفظ، فيقولون: هذا جُحر ضب خَرِب؛ وإنما الخرب من نعت الجُحر".