إلا من سأل إليها سبيلاً بالعمل الصالح، وهو مع استقامته في العربية تكلفٌ وابتداع؛ وعزوه إلى مثل على رضي الله عنه أبدع، وفي شعر بعض المحدثين:

سل سبيلا فيها إلى راحة النّف- -س براح كأنّها سلسبيل
و(عَيْناً) بدلٌ من (زَنْجَبِيلًا)، وقيل: تمزج كأسهم بالزنجبيل بعينه. أو يخلق الله طعمه فيها. و (عَيْنا) على هذا القول مبدلةٌ من (كَاساً) كأنه قيل: ويسقون فيها كأساً كأس عين، أو منصوبةٌ على الاختصاص؛ شبهوا في حسنهم وصفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم ومنازلهم باللؤلؤ المنثور. وعن المأمون: أنه ليلة زفت إليه بوران بنت الحسن بن سهلٍ وهو على بساطٍ منسوجٍ من ذهبٍ وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ، فنظر إليه منثوراً على ذلك البساط، فاستحسن المنظر وقال: لله درّ أبى نواس، وكأنه أبصر هذا حيث يقول:
كأنّ صغرى وكبرى من فواقعها حصباء درّ على أرض من الذّهب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفي شعر بعض المحدثين)، ذكر في "اليتيمة" أنه لحسن بن مطران الشاشي.
قوله: (و ﴿عَيْنًا﴾ بدل من ﴿زَنجَبِيلًا﴾)، وقد مضى مثل هذا الإبدال في قوله تعالى: ﴿مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ [الإنسان: ٥].
قوله: (كأن صُغرى وكٌبرى من فواقعها)، "فواقعها": جمع فاقعة، وهي الحُبابة على وجه الخمر والماء، والضمير في "فواقعها" يعود إلى الخمر، قال ابن الأثير: "صُغرى وكُبرى غير جائز؛ فإن "فُعلى" أفعل لا يجوز نزع اللام منها، وإنما يجوز من "فُعلى" التي لا "أفعل" لها


الصفحة التالية
Icon