وقيل: شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا نثر من صدفه، لأنه أحسن وأكثر ماء (رَأَيْتَ) ليس له مفعولٌ ظاهرٌ ولا مقدرٌ ليشيع ويعم، كأنه قيل: وإذا أوجدت الرؤية ثم، ومعناه: أن بصر الرائي أينما وقع لم يتعلق إدراكه إلا بنعيمٍ كثيرٍ وملكٍ كبير، و (ثَمّ) في موضع النصب على الظرف، معناه: في الجنة. ومن قال: معناه: «ما ثم» فقد أخطأ، لأن «ثم» صلة ل- "ما"، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقالوا: طُوبى لك. وفي البيت وجه آخر، وهو ان يجعل "من" في قوله: من فواقعها، زائدة على مذهب الأخفش في الواجب، كقوله تعالى: ﴿فِيهَا مِن بَرَدٍ﴾ [النور: ٤٣]، فعلى هذا هي مضافة في البيت".
قوله: (وقيل: شُبهوا باللؤلؤ الرَّطب إذا نُثر من صدفه)، وعلى هذا: التشبيه في حكم المفرد لأنهم شُبهوا باللؤلؤ، المخصوص. روى محيي السنة عن عطاء: "يريد في بياض اللؤلؤ وحُسنه، واللؤلؤ إذا نُثر من الخيط على البساط، كان أحسن من منظوماً". وعلى الأول مُركب، والوجه مُتعدد؛ لأن الانبثاث على الثاني غير منظور إليه. ويجوز أن يكون مُركباً لتصور النثر من الصدف مع تصوره، ومنه قول البحتري:
إذا نضون شُفوف الرَّيط آونة قشرن عن لؤلؤ البحرين أصدافا
شبه أجسادهن إذا خلعن ثيابهن، بلؤلؤ قُشر عنه الصدف.