..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: " ﴿أَوْ﴾ هاهنا أوكد من الواو، لأنك إذا قلت: لا تُطع زيداً وعمراً، فأطاع أحدهما كان غير عاصٍ. فإن أبدلتها بـ "أَوْ"، فقد دللت على أن كل واحد منهما أهل لأن يُعصى". ويُعلم من هذا التقرير أن "أو" التي للإباحة، إذا دخلت على الإثبات، كان سبيلها هذا السبيل. فإذا قلت: جالس الحسن أو ابن سيرين، علم أن الأمر وارد على استحقاق كل واحد منهما المجالسة، لما فيهما من الفضل والمزية.
ودل على الفحوى على استحقاقهما المجالسة مجتمعين بالطريق الأولى؛ فالإباحة إنما نشأت من أمر خارج لا من اللفظ، كما أن حظر الإباحة عن طاعة عُتبة والوليد، إنما نشأ من أمر خارج، وهو ما فيهما من الإثم والكُفر الغالي. ويُوافقه قول ابن الحاحب: "إن وضع "أو" لإثبات الحُكم لأحد الأمرين، إلا أنه إن حصلت قرينة يُفهم معها أن الأمر غير حاجز عن الآخر، مثل قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، سُمِّي إباحة، وإن حجز فهو لأحد الأمرين، وإنما أُخذ نفي الحجز عن الآخر من أمر خارج".
وأما قوله: "وقد استشكل بعضهم وقوع ﴿أَوْ﴾ في النهي، في مثل قوله: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾، وهاهنا لو انتهى عن أحدهما لم يمتثل، ولا يعد ممتثلاً إلا بالانتهاء عنهما جميعاً، ومن ثم حملها بعضهم على أنها بمعنى الواو، والأولى أن تبقى على بابها. وإنما جاء التعميم فيهما من أمر وراء ذلك، وهو النهي الذي فيه معنى النفي، لأن المعنى قبل وجود النهي: تُطيع آثماً أو كفوراً، أي: واحداً منهما. فإذا جاء النهي، ورد على ما كان ثابتاً في المعنى، فيصير المعنى: ولا تُطع واحداً منهما، فيجيء التعميم فيهما من جهة النهي، وهي على بابها فيما


الصفحة التالية
Icon