دخل على المفعول في قوله (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) [نوح: ٤]. (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) وتهجد له هزيعاً طويلاً من الليل: ثلثيه، أو نصفه، أو ثلثه.
[(إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً * نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) ٢٧ - ٢٨]
(إِنَّ هؤُلاءِ) الكفرة (يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) يؤثرونها على الآخرة، كقوله: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) [الأعلي: ١٦]. (وَراءَهُمْ) قدّامهم أو خلف ظهورهم لا يعبئون به (يَوْماً ثَقِيلًا) استعير الثقيل لشدّته وهو له، من الشيء الثقيل الباهظ لحامله. ونحوه: (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف: ١٨٧]. الأسر: الربط والتوثيق، ومنه: أسر الرجل إذا أوثق بالقدّ وهو الإسار، وفرسٌ مأسور الخلق، وترسٌُ مأسورٌُ بالعقب. والمعنى: شددنا توصيل عظامهم بعضها ببعض، وتوثيق مفاصلهم بالأعصاب، ومثله قولهم: جارية معصوبة الخلق، ومجدولته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حبيبه صلوات الله عليه، عن طاعة الآثم والكفور، وحثه على الصبر على أذاهم وإفراطهم في العداوة، وأراد أن يرشده إلى مشاركتهم، عقب ذلك الأمر باستغراق أوقاته بالاشتغال بالعبادة ليلاً ونهاراً، بالصلوات كلها من غير تخصيص، وبالتسبيح لما يطيق عليه، لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٩٧ - ٩٨].
قوله: (هزيعاً طويلاً)، الجوهري: "مضى هزيع من الليل، أي: طائفة، وهو نحو من ثُلثُه أو رُبعه".
قوله: (ومَجدولته)، الجوهري: "جدلت الحبل أجدله جدلاً: فتلته فتلاً مُحكماً، ومنه: جارية مجدولة الخلق: حسنة الجدل".


الصفحة التالية
Icon