أو بسحائب نشرن الموات، ففرّقن بين هن يشكر لله تعالى وبين من يكفر، كقوله (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) [الجن: ١٦]، فألقين ذكرا: ً إمّا عذراً للذين يعتذرون إلى الله بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة الله في الغيث ويشكرونها، وإما إنذاراً الذين يغفلون الشكر لله وينسبون ذلك إلى الأنواء، وجعلن ملقياتٍ للذكر لكونهن سبباً في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن أو كفرت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (نشرن الموات)، الموات: الأرض. الراغب: "الموتان بإزاء الحيوان، وهي الأرض التي لم تحي للزرع، وأرض موات".
قوله: (إما عُذراً للذين يعتذرون) إلى قوله: (وإما إنذاراً للذين يغفلون)، يشعر بأن "أو" للتنويع، ومن ثم قال الدينوري في "مشكل القرآن": "إنّ "أو" بمعنى الواو".
قوله: (للذين يغفلون)، أي: يتركون، يقال: أغفلت الشيء، أي: تركته على ذُكر منك.
قوله: (وجعلن مُلقيات للذكر)، أي: وجعلت السحائب ملقيات للذكر. والذِّكر: التذكير، أي: سبباً للتذكير، وقالت للمكلَّف: إن عرفت شُكر المنعم بي، فأنت معذور، وإن أنكرته فأنت مُعذب. وحاصل الوجوه أن الصفات الخمس، إما مُجراة على الملائكة، أو على الرِّياح أو السَّحاب.