إن الذي توعدونه من مجيء يوم القيامة لكائنٌ نازلٌ لا ريب فيه، وهو جواب القسم، وعن بعضهم أن المعنى: ورب المرسلات (طُمِسَتْ) محيت ومحقت، وقيل: ذهب بنورها ومحق ذواتها، موافقٌ لقوله (انْتَثَرَتْ) و (انْكَدَرَتْ). ويجوز أن يمحق نورها ثم تنتثر ممحوقة النور (فُرِجَتْ) فتحت فكانت أبواباً، قال:
الفارجى باب الأمير المبهم
(نُسِفَتْ) كالحب إذا نسف بالمنسف؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهو جواب القسم)، أي: قوله: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾. قال محيي السنة: "إلى هنا أقسام، وذكرها على قوله: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾، أي: من أمر الساعة والبعث، ﴿لَوَاقِعٌ﴾: لكائن، ثم ذكر متى يقع، فقال: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ ".
قوله: (ومُحق ذواتها)، الراغب: "المحق النقصان، ومنه المحاق في آخر الشهر إذا مُحق الهلال، يقال: محقه إذا نقصه وأذهب بركته، قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَواا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة: ٢٧٦]، وقال: ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤١] ".
قوله: (الفارجي باب الأمير المبهم)، ذكر في "الأساس" أن سيبويه أنشده.
فرج الباب: أي فتحه. هو كقوله تعالى: ﴿وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾ [الحج: ٣٥]، ووقعت النون للإضافة. يصف القوم بالخطر والجاه، وأنهم إذا أتوا باب الأمير يُفتح لهم، وأبهمت الباب: أغلقته، وأمر مبهم: لا مأتى له.
قوله: (بالمنسف)، الجوهري: "هو ما نُسف به الطعام، وهو شيء طويل منصوب الصدر، أعلاه مرتفع".