[(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً * أَحْياءً وَأَمْواتاً * وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ٢٥ - ٢٨]
الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه، وهو اسم ما يكفت، كقولهم: الضمام والجماع لما يضم ويجمع، يقال: هذا الباب جماع الأبواب، وبه انتصب (أَحْياءً وَأَمْواتاً) كأنه قيل: كافتةً أحياءً وأمواتاً. أو بفعلٍ مضمرٍ يدل عليه، وهو: تكفت. والمعنى: تكفتُ أحياءً على ظهرها، وأمواتاً في بطنها. وقد استدل بعض أصحاب الشافعي رحمه الله على قطع النباش، بأنّ الله تعالى جعل الأرض كفاتاً للأموات، فكان بطنها حرزاً لهم؛ فالنباش سارقٌ من الحرز.
فإن قلت: لم قيل أحياءً وأمواتاً على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعاً؟
قلت: هو من تنكير التفخيم، كأنه قيل: تكفت أحياءً لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون، على أنّ أحياء الإنس وأمواتهم ليسوا بجميع الأحياء والأموات. ويجوز أن يكون المعنى: تكفتكم أحياءً وأمواتاً، فينتصبا على الحال من الضمير؛ لأنه قد علم أنها كفات الإنس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تكفت أحياء على ظهرها)، روى الواحدي عن الفراء أنه قال: "تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتاً: تحوزهم"، وهذا قول جماعة المفسرين.
قوله: (ويجوز أن يكون المعنى: تكفتكم)، قيل: هو عطف على قوله: "وبه انتصب ﴿أَحْيَاءً﴾ "، والظاهر أنه عطف [على] قوله: "كافتة أحياءً وأمواتاً"، لأنه على الأول