قلت: لما أنكروا البعث قيل لهم: ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة على كمال القدرة، فما وجه إنكار قدرته على البعث، وما هو إلا اختراعٌ كهذه الاختراعات؟ أو قيل لهم: ألم يفعل هذه الأفعال المتكاثرة. والحكيم لا يفعل فعلاً عبثاً، وما تنكرونه من البعث والجزاء مؤدّ إلى أنه عابثٌ في كل ما فعل؟ (مِهاداً) فراشاً. وقرئ: (مهدا) ومعناه: أنها لهم كالمهد للصبي: وهو ما يمهد له فينوّم عليه، تسميةً للممهود بالمصدر، كضرب الأمير أو وصفت بالمصدر. أو بمعنى: ذات مهدٍ، أي أرسيناها: بالجبال كما يرسى البيت بالأوتاد. (سُباتاً) موتاً. والمسبوت: الميت، من السبت وهو القطع؛ لأنه مقطوعٌ عن الحركة. والنوم: أحد التوفيين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يكون بدلاً، وألف الاستفهام، التي ينبغي أن تُعاد، محذوفة".
الراغب: "عظم الشيء: أصله كبر عظمه، ثم استعير لكل كبير، فأجري مجراه، محسوساً كان أو معقولاُ، عيناً كان أو معنى، قال تعالى: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٥]، ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾، والعظيم إذا استعمل في الأعيان فأصله أن يقال في الأجزاء المتصلة، والكبير يقال في المنفصلة، ثم قد يقال في المنفصل: عظيم، نحو، جيش عظيم ومال عظيم، وذلك في معنى الكبير. والعظيمة: النازلة".
وعن بعضهم: الضمير في ﴿الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ تأكيد، وفيه معنى الاختصاص، ولم يكن لقريش اختصاص بالاختلاف، لكن لما كان خوضهم فيه أكثر وتعنتهم له أظهر، جعلوا كأنهم مخصوصون به.
قوله: (والنوم أحد التوفيين)، مقتبس من قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ [الزمر: ٤٢].