والمعنى: أن جهنم هي حد الطاغين الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مآبهم. أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها، لأن مجازهم عليها، وهي مآب للطاغين. وعن الحسن وقتادة نحوه، قالا: طريقاً وممراً لأهل الجنة. وقرأ ابن يعمر: (أن جهنم) بفتح الهمزة على تعليل قيام الساعة بأن جهنم كانت مرصاداً للطاغين، كأنه قيل: كان ذلك لإقامة الجزاء. قرئ: (لابِثِينَ) و (لَبِثين)، واللبث أقوى، لأن اللابث من وجد منه اللبث، ولا يقال: لبث؛ إلا لمن شأنه اللبث، كالذي يجثم بالمكان لا يكاد ينفك منه، (أَحْقَابًا) حقباً بعد حقب، كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية، ولا يكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها، والاشتقاق يشهد لذلك.......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يرصدون فيه للعذاب)، الجوهري: "الراصد للشيء: الراقب له، والمرصد: موضع الرصد. الأصمعي: رصدته أرصده: ترقبته، وأرصدت له: أعددت له، والمرصاد: الطريق".
قوله: (قُرئ: ﴿لَّابِثِينَ﴾ و "لبثين")، "لبثين": حمزة وحده، قال الزجاج: "لبث الرجل فهو لابث، ويقال: هو لبث بمكان كذا، أي: صار اللبث شأنه". قال صاحب "الكشف": فيه جواز أن يقال: حذراً أموراً، ألا تراه قال: ﴿لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾؟ ".
قوله: (كلما مضى حُقب تبعه آخر)، قال صاحب "الكشف": ذكر ﴿أَحْقَابًا﴾ للكثرة لا لتحديد اللبث، ألا تراك تقول: لبثت فيها سنين وأعواماً، وأنت لا تريد أنك لم تقم غيرها؟ ".
الراغب: " ﴿أَحْقَابًا﴾ قيل: جمع الحُقُب، أي: الدهر، والحِقبة: ثمانون عاماً، وجمعها حِقَب، والصحيح أن الحِقبة: مدة من الزمان مُبهمة، والاحتقاب: شد الحقيبة من خلف