إلى دار الحرب؛ من قولك: (ثور ناشط) إذا خرج من بلد إلى بلد، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها؛ لأنها من أسبابه. أو أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب. وإغراقها في النزع: أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب، والتي تخرج من برج إلى برج، والتي تسبح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (حتى تنحط في أقصى الغرب)، الأساس: "ومن المجاز: ناقة حطوط: سريعة السير، وحطت في سيرها وانحطت، وحط في عرض فلان: إذا اندفع في شتمه وانحط فيه".
قوله: (والتي تخرج من برج إلى برج)، وهو تفسير لقوله: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾، وهو مأخوذ من قوله: ثور ناشط: إذا خرج من بلد إلى بلد. قال الإمام: "دل قوله: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ على حركتها المخصوصة بها في أفلاكها الخاصة، وهو مناسب؛ لأن حركاتها اليومية قسرية، فيناسب النزع، وحركاتها من برج إلى برج إرادية، فيناسب النشط".
وقلت: فمدخول الفاء في ﴿فَالسَّابِقَاتِ﴾ مسبب عن كونها سابحات، وفي ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ﴾ عن كونها سابقات؛ لأن السبح في الفلك: لما كان سيراً مخصوصاً، والسيارة معلومة الاختلاف في السير بتقدير العزيز العليم، فيحصل وجود سير بطيء وآخ سريع، وذلك هو السبق، وبحسب السبق يتفاوت التدبير، فمن سير الشمس يعلم حساب السنة، وتحصل الفصول الأربعة، ومن سير القمر يعلم حساب الشهر والأيام، وهو المراد من قوله: "وتدبر أمراً من علم الحساب"، والوجوه رواها محيي السنة في "المعالم"، وليس في كلامه أن المدبرات هي النجوم.
وقال الزجاج: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾: النجوم، إلى قوله: ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾: الملائكة.
وقال الإمام: "اعلم أن الوجوه المنقولة من المفسرين، ليست نصاً عن سيد المرسلين صلوات الله عليه حتى لا يمكن الزيادة عليها، وما ذكروها إنما ذكروها لكون اللفظ محتملاً لها،


الصفحة التالية
Icon